قصة رجل شُفي بالصدقة من مرض السرطان
هذا الرجل كان مصابا بمرض السرطان. وبالرغم ما يملكه من ثروات طائلة، إلا أنه وقف عاجزًا أمام هذا التشخيص الصادم.
لم يتردد لحظة. قرر أن يبذل كل ما يملك في سبيل العلاج. سافر إلى أوروبا، متنقلاً بين مستشفياتها ومراكزها الطبية المتقدمة، ينفق هنا ويستشير هناك، آملاً أن يجد دواءً أو فرصة جديدة للحياة. لكنه، ورغم كل ما قدمه من مال، لم يجد إلا إجابة واحدة متكررة على لسان الجميع:
"مرضك في مرحلة متقدمة... لم يتبقَ لك سوى القليل. استعد للموت."
عاد إلى بلده منهارًا، لا يحمل في قلبه سوى الألم، ولا في يده سوى شهادة بالعجز الطبي. كان المال يملأ خزائنه، لكنه لم يعد يساوي شيئًا أمام وجع المرض ولا مرارة اليأس.
وذات صباح، وبينما كان يمر بجانب أحد المساجد، استوقفه صوت الإمام وهو يغلق باب المسجد بعد صلاة الفجر. اقترب منه الرجل وسأله بلطف قائلاً:
"يا شيخ، أريد أن أتبرع بكل مالي... أريده لله، لعل الله يغفر لي ويرحمني، أريد أن ألقاه خفيف الذنب."
نظر إليه الإمام بتأمل، ولاحظ أثر المرض على وجهه، فسأله عن حاله. حكى له الرجل كل شيء: عن السرطان، عن رحلته إلى أوروبا، عن اليأس، عن النهاية التي ينتظرها. فابتسم الإمام وقال له بهدوء:
"ومن هؤلاء الأطباء ليحددوا مصيرك؟ إنما هم بشر، لا يعلمون الغيب.
﴿وما تدري نفس ماذا تكسب غدًا وما تدري نفس بأي أرض تموت﴾."
ثم سأله سؤالاً فتح له بابًا جديدًا لم يفكر فيه من قبل:
"هل لجأت إلى الله؟ إلى الشافي المعافي؟
هل أكثرت من الاستغفار؟ هل سهرت الليالي تبكي بين يديه؟"
ثم فاجأه بكلمة زلزلت كيانه:
"أنا كنت مثلك... كنت مصابًا بنفس المرض، وها أنا أمامك، سليم، معافى."
صُعق الرجل، لم يصدق ما يسمع. فسأله كيف؟
قال الإمام:
"السر في الاستغفار، في الصدقة، في البكاء بين يدي الله في الأسحار.
دعوت الله في جوف الليل، وتصدقت، واستغفرت، فشفاني الله، كما وعد."
هنا تغير كل شيء. عاد الرجل إلى بيته مختلفًا. بدأ طريقًا جديدًا، طريق الإيمان، طريق العودة إلى الله.
أصبح يقوم الليل، يُكثر من الاستغفار، يتصدق سرًا وعلانية، ويلازم المسجد والذكر. صار لا يفوّت لحظة دون أن يناجي الله، يبكي بين يديه، يسأله الشفاء والرحمة.
ومع مرور الوقت، بدأ يشعر بتحسن واضح. عاد إليه شغفه بالحياة، اشتدت شهيته، زاد وزنه، خفّت آلامه. بل حتى مشاعره العاطفية التي كانت قد خمدت بدأت تعود. شعر كأن الحياة تُبعث فيه من جديد.
بعد ثلاثة أشهر من المجاهدة والدعاء والرجاء، قرر أن يُجري الفحوصات من جديد. ذهب إلى المستشفى، دون أن يخبرهم بتاريخه المرضي، وخضع لتحاليل شاملة.
النتيجة؟
لا أثر للسرطان.
قال لهم: "ولكني كنت مريضًا، كل أوروبا تشهد بذلك!"
قالوا: "ربما حدث خطأ في التحاليل السابقة. أنت سليم تمامًا!"
بكى الرجل... بكى بحرقة، لكنه لأول مرة منذ أشهر، كانت دموعه دموع فرح وشكر.
علم أن الشفاء لم يأتِ من الطب، بل من رب الطب، من الله الذي قال:
﴿وإذا مرضت فهو يشفين﴾.
ومن هنا، بدأت رحلته الجديدة مع العطاء. لم يعد يرى في المال ملاذًا أو ضمانًا، بل وسيلة. وسيلة للقرب من الله، وسيلة للشفاء، وسيلة لفتح أبواب البركة.
فهم حديث النبي ﷺ:
"ما نقص مال من صدقة."
قال في نفسه: "كيف لا ينقص؟ إن دفعت من ألف مئة، تبقى تسعمئة. فأين البركة؟"
ثم بدأ يلاحظ ما لم يكن يراه من قبل:
كلما تصدق، فُتحت له أبواب من الرزق، لم يكن يتخيلها.
كان يعرف طبيبًا آخر، بسيطًا، لكنه اعتاد أن يُعطي عددًا من الفقراء راتبًا شهريًا. هذا الطبيب لم يكن من أصحاب العبادات المشهورة، لكنه تعود أن يعطي. وكان يقول: "والله ما أن أعطي، إلا ويعوضني الله في الدنيا قبل الآخرة."
وذات يوم، جاءه رجل من هؤلاء المستفيدين، في وسط الشهر، وطلب مساعدة. لم يتردد الطبيب، مد يده إلى جيبه، وأعطاه كل ما فيه.
في ذلك اليوم، لم يزره أي مريض. فجلس في عيادته حائرًا، يحدث نفسه.
وقبل أن يُغلق العيادة، دخل عليه رجل وقال له:
"يا دكتور، أجريت لي عملية منذ زمن، وسافرت دون أن أدفع.
هذا المبلغ دين لك."
وأعطاه ظرفًا فيه أكثر مما أنفقه.
تعجب الطبيب وقال:
"سبحان الله! ما نقص مال من صدقة، بل زاد وزاد وزاد."
إنها ليست قصة شفاء فقط، بل قصة تحول، قصة رجل ظن أن النهاية قد كُتبت، لكنه حين رفع رأسه إلى السماء، فتح الله له بابًا من الرحمة لا يُغلق.
الاستغفار، الصدقة، البكاء في الأسحار، ليست مجرد أفعال... إنها مفاتيح، من أمسك بها، فُتحت له خزائن السماء.
فيا من ضاقت بك السبل، لا تجعل الله آخر من تلجأ إليه... بل اجعله أول من تطرق بابه.
وتذكر دائمًا: