عندما يكشف لك الغطاء | طريق الولاية | د. محمد سعود الرشيدي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
إلى متى الاستقامة ؟ الفتن كثيرة من حولي وكلما استقمت انكسرت، أو تعثرت في طريقي إلى الله.
إلى متى الاستقامة ؟ هل هناك أمل ؟ هل هناك معية إلهية ؟
يا من قررت أن تبحر إلى الله ، يا من قررت أن تهاجر إلى الله اعلم ! أن هناك درجة ستصل إليها، وهذه الدرجة هي درجة الإصطفاء الإلهي وهي درجة الولاية والحب الإلهي.
هذه الدرجة وهذه المرحلة هي التي ألفت من أجلها مئات المؤلفات ، مؤلفات كثيرة عن السلوك إلى الله الطريق إلى الله.
كيف الوصول إلى الله ؟ يعني ماذا كيف الوصول إلى الله ؟ يعني هؤلاء العلماء عندما ألفوا هذه الكتب، ألفوها بإدراك ومشاهدة ويقين وعلم أن هناك درجة بعد فترة من المجاهدة يصلها الإنسان في الدنيا، وهي الدرجة التي تتحقق فيها الوعود الإلهية.
ومن هذه المؤلفات : كتاب ابن القيم مدارج السالكين وتكلم فيها عن الكرامات، وعن كشف الغطاء، وعن المكاشفات، وعن المعرفة وعن أمور كثيرة. هذا العالم هو عالم حقيقي يا اخوة، أقسم بالله عالم حقيقي درجة معينة إذا وصلتها فتحت لك الأفاق. إذا استقام الإنسان فترة معينة من الزمن بالإستقامة والطاعة وتجديد التوبة دائما، والمثابرة والمجاهدة في عبادة الله والوصول إلى حبه جل جلاله.
تأتي فترة من الفترات القلب هذا يتحول إلى أبيض كالصفا، هذه الدرجة التي يصل إليها الإنسان من بياض القلب سبحان الله ينكسر ، حاجز السواد والران، لا تبقى في قلبه ولا نقطة سوداء ويتحول إلى أبيض كامل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
"أبيض كالصفا .. لا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض."
هذا حديث النبي الصحيح صلى الله عليه وسلم، إذا وصل الإنسان إلى هذه الدرجة، من استنارة القلب تكشف له الحقيقة وتبدأ تتوالى عليه الكرامات ، إذا وصلت إلى الحب الإلهي وصلت إلى كل شيء خلاص أنت محظوظ أنت دخلت في الحظ العظيم.
فإذا أحببته كما ورد في الحديث القدسي : من عاد لي ولياً فقد أذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما أفترضته عليه، ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، وما يزال يعني الاستمرارية مستمر مستمر يتقرب إلى الله.
لابد أن يكون عندنا هدف يا اخوة وهو هدف الولاية، وهدف الجذبة الإلهية والكرامة الإلهية. وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها.
وفي رواية فبي يسمع وبي يبصر، وبي يبطش وبي يسعى، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه يعني باختصار ستكون مستجاب الدعاء، ستكون في الحماية والحفظ والرعاية والولاية الإلهية، الله يدبر لك يتولاك ستكون ممن إذا أقسم على الله لأبره كما قال المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم قال : "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ، باختصار احفظ الله يحفظك يا اخوة .. يا أخوات احفظ الله .. في الخلوات احفظ الله .. احفظ الله يحفظك .. احفظ الله تجده اتجاهك.
يعني أمامك ، معك، إذ سألت فسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله هذا العالم حقيقي ، هذه العوالم موجودة والله اخوة. عالم الحب الإلهي والقرب الإلهي والمعية الالهية ، والكرامات والخوارق ، والقلب المتوهج يتوهج القلب الروح تتوهج ، متوهجة بالايمان والنور. تتحول العبادات من مجاهدة ومصابرة وتعب ، إذا حصلت هذه النقطة ووصلت إليها وأتتك الجذبة الإلهية تتحول العبادات إلى لذة وإلى مسابقة
وإلى انشراح وإلى فرح.
سبحان الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :أرحنا بها يا بلال !
متى نصل إلى هذه الدرجة ؟ هذا سؤال .. هذا الأمر وهذه الجذبة موجودة يقينا ولكن متى ؟
علمها عند الله ، لا يعلمها أحد ولا يستطيع أن يحها أحد إلا مالكها جل وعلا ، يبسطها وينشرها على من يشاء من عباده بحكمته المطلقة
هناك أناس تأتيهم في بداية الشباب ، وهناك أناس تأتيهم في الثلاثينات، وأناس تأتيهم في الأربعين، وهناك قبل أو بعد ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ولكن الذي أعرفه والذي تعلمته أن الإنسان كلما ابتعد عن المعاصي واستمر بتطبيق أوامر الله ، وحافظ على القلب أن تتخلله أي معصية واستمر على هذه الطهارة وهذه التنقية لنفسه وهذه التصفية.
أتوقع والله أعلم أنه يصل ، يصل يعني يعني سريعا بإذن الله وبأمر رالله ، ولي الله لا يريد إلا الله جسده في الأرض وروحه في السماء
في السماء العليا ، لا يرى إلا الله ولا يريد إلا الله وهو مشتاق لربه ومولاه، يحيا فقط لأنه مع الله.